بعد أن مرّت عاصفة الكومار بين فائزين، ومهنئين، وناقدين، ومشكّكين، بسلام، أجد أنه يسعني إضافة بعض السطور إلى سردية خلافية صارت تطل علينا كل ربيع.
أولا، أهنئ الفائزين الثلاث بالجوائز العربية من كل قلبي، ولا غرو في ذلك إذ فائزان من ثلاث من أفضل أصدقائي. مسألة الصداقة هنا مهمة جدا. ولكي نعلم ما حدث يجب العودة إلى البداية.
أول الأسبوع الماضي، وردتني دعوة إلى حضور حفل تسليم جوائز الكومار في حرم المسرح البلدي بالعاصمة. قد اكذب لو قلت أنني لم أشعر ببعض فرح غاب عنا طويلا، لكن هذا الذهن الديكارتي الذي ابتليت به أبى علي أن أصيب شيئا منه بهذا اليسر. تذكرت اللغط الذي دار حول مسألة تسريب أسماء الفائزين في دورة السنة الماضية، وكل الإرادة الحازمة التي تسلح بها الجميع لانجاح الدورة الحالية، والحفاظ على هوية الفائزين حتى آخر لحظة. فليكن، هكذا تدار الجوائز في كل اصقاع الدنيا. سأحضر الحفل ما دام الجميع يتشدق بالشفافية من منظمين وراعين ولجنة تنظيم وصحافة ومشاركين.
لم اقو على إخفاء الأمر عن بعض الأصدقاء المقربين، ففرحوا مدعين أن الكومار لا تدعو سوى الفائزين، وذهب زوج من المغالين متهم إلى ضرورة انتظار شيء من تسريبات العادة لأؤكد الذهاب من عدمه. لا أدري أن كنت غرا أو آخر الكتاب السذج، لكنني أصررت على الذهاب تكريسا لمبدأ الشفافية وإرساء لمبدأ التحفظ على الهويات الفائزة.
ذهبت أخيرا، وليتني ما ذهبت. ليس لأنني لم أفز، وليس لأنني أشكك في قرارات اللجنة، فروايات أصدقائي المتوجة أفضل من روايتي على جميع المستويات، وأنا أكرر تهنئتي لفوزهم، خاصة أنني مطلع على أعمالهم. لكن المضحك المبكي كان علامات التساؤل المبهمة في عيون المتوجين، وبعضهم تجرأ على سؤالي، ماذا تفعل هنا؟ ولسان حاله يقول هل توجد جائزة رابعة للكومار، واهتز البعض الآخر مشككا في التسريبات التي أكدت فوزه. وتنوعت مشاعرهم بين الشفقة، والريبة، وشيء من الاحترام لسذاجتي المغلفة بالصدق.
لا ألوم أصدقائي في شيء، ولا اتهم أحدا، إذ التسريبات هي العرف والعادة، والتحفظ والتكتم أمر زائف لدينا لم نألفه في كل التظاهرات، والجوائز، وعلى كل المنابر. آلمتني سذاجتي، لكنني خرجت مرفوع الرأس لأنني تابعت الإعلان عن النتائج بكل تشويق تركيز رغم لقائي الفائزين الثلاثة منذ بداية السهرة. قد تمر حكايتي مرور الكرام، لكن العبرة منها أنهم لن يستغفلوا المبدعين بوهم الشفافية والمصداقية بالسنة المقبلة.
من الطريف أن بعض الأصدقاء قال لي كيف لم يتحصل ناشرك على المعلومة ووفر عليك عناء التنقل من سوسة واقتناء بدلة جديدة. لم أشأ إخباره أن ناشري أكثر سذاجة وما فتئ يؤمن بشفافية الجوائز الأدبية في تونس الحبيبة
إرسال تعليق