وليد بن أحمد
تونس

في ذروة الأحداث في الولايات المتّحدة الأمريكية هذه الأيام، قفز إلى ذهني كتاب جيمس بالدوين "النّار في المرّة القادمة" الصادر سنة 1962. ما شدّني إلى هذا الكتاب هو أن مؤلّفه قد تنبّأ تقريبا، منذ أكثر من نصف قرن، بهذا الصدام الشيطاني الذي يجتاح أمريكا.
في الواقع، ناضل جيمس بالدوين (1924-1987) الروائي والكاتب الأفروأمريكي، طويلا ضد التمييز العنصري والتفاوت الطبقي، وعُرف بمواقفه القوية حول اضطهاد السود ومواجهة العنصريين البيض في المجتمع ووسائل الإعلام، وكافح التمييز القائم على الهوية الجنسية وضعف قيم المجتمع الأمريكي، وقد كتب مطوّلا في رواياته ودراساته عن هذا المجتمع وعن الإعلام والسلطة السياسية والعنصرية والعنف، وعبّر عن شعوره بالاغتراب في بلده.
بعودتي إلى كتابه، النّار في المرّة القادمة، بدا لي أن بذور العنف والعنصرية قد زرعت منذ زمن بعيد، ومن يزرع الريح يحصد العاصفة، كناية عن نبوءة بالدوين التي تحقّقت. لم يمنع نقد بالدوين لمآسي العنصرية في أميركا من نثر بذور الأمل إذ خاطب ابن أخيه في بارقة أمل قائلا:
"هذا بلدك يا صديقي. لا تجعل أحدا يأخذك منه: قام العظماء بأعمال جليلة هنا، وسيواصلون دأبهم، وسنجعل من أميركا ما الذي ينبغي أن تكون عليه"
أظن أن بالدوين قصد اهل الفكر والقلم والإبداع وليس السياسيين بتاتا، وأنهم يحملون دوما جذوة النار الخلاقة.
إرسال تعليق